دوامة الوهم.. عصابة “الربح السريع” تبتلع الملايين في الناظور وضحايا يصمتون خوفاً من فضح الثروات

aljanoubiapress13 ديسمبر 2025آخر تحديث :
دوامة الوهم.. عصابة “الربح السريع” تبتلع الملايين في الناظور وضحايا يصمتون خوفاً من فضح الثروات

دوامة الوهم.. عصابة “الربح السريع” تبتلع الملايين في الناظور وضحايا يصمتون خوفاً من فضح الثروات

في ظلّ صمت مريب، تنسج خيوط واحدة من أكبر عمليات النصب المالي التي هزت إقليم الناظور خلال الفترة الأخيرة، حيث وقع عشرات الأفراد، بينهم وجوه معروفة في مجالات التنمية العقارية والتجارة، بل وأشخاص تلفهم شبهات ارتباط بأنشطة غير مشروعة، في فخّ مُحكم نصبته شبكة من المحتالين الماهرين.

واستندت الآلية الاحتيالية إلى إغراء ضحاياها بوعد أرباح طائلة وسريعة، حيث قدّمت عائداً شهرياً مغرياً على القروض المقدمة، بل وحرصت على دفع مبالغ أولية لبعض العملاء تصل إلى مئات الآلاف من الدراهم، في خطوة تكتيكية هدفها تغذية نزعة الطمع وضمان استمرار ضخ الأموال من الضحايا، الذين وصلت استثمارات بعضهم إلى مئات الملايين من السنتيمات.

ومع تعمّق الثقة الوهمية، أحكمت العصابة قبضتها عبر تعقيد مخططها، حيث قدمت شيكات كضمانات وهمية، ونسجت حكايات عن مشاريع وهمية و”كنوز” مدفونة تتطلب تمويلاً ضخماً. وسقط الجميع في الشبكة، بدرجات متفاوتة، تاركين وراءهم أموالاً طائلة اختفت في متاهات حسابات العصابة التي برعت في استغلال نقاط ضعف ضحاياها.

ويكمن أحد أكثر جوانب القضية إثارة في الموقف المتناقض لعدد من الضحايا، خاصة أولئك الذين تُحيط بهم هالة من الشك حول مصادر ثرواتهم. فهم يرفضون اللجوء إلى القضاء الرسمي، ويفضلون تسوية أمورهم خارج أروقة المحاكم، خوفاً من أن يقودهم ملاحقة النصّابين إلى كشف مصالحهم الخاصة وتفاصيل ثرواتهم غير المبررة أمام العدالة، وهو ما قد يفتح عليهم أبواباً هم في غنى عنها.

وتشير معلومات ميدانية إلى أن نجاح هذه الشبكة في استهداف ضحاياها بهذه الدقة لم يكن ليتحقق لولا وجود تواطؤ من عناصر داخل دوائر إدارية حساسة، قدّمت معلومات مفصلة عن الوضع المالي والقانوني للضحايا، مما حول العملية إلى شراكة غير مقدسة بين محتالين محترفين وبيئة مساعدة مكّنتهم من تنفيذ مخططهم.

وعلى الرغم من الضجة التي أحدثتها القضية والحجم الهائل للأموال المنهوبة، لا تزال الشبكة تتحرك بحرية نسبية، حيث اقتصرت الإجراءات الرسمية حتى الآن على توقيف أحد العناصر بشكل مؤقت قبل الإفراج عنه، في انتظار استكمال البحوث القضائية.

في المقابل، بدأت بوادر تحرك قضائي تظهر مع تقديم بعض المتضررين شكاوى فردية، كان أبرزها شكوى رجل أعمال خسر مبالغ طائلة، ما دفع السلطات القضائية والأمنية إلى فتح بحث معمق لتحديد كل الخيوط والأطراف المتورطة.

وتكشف هذه الواقعة عن مفارقة صارخة، حيث يتحول بعض الضحايا من مطالبين بالعدالة إلى خائفين من سلطتها، مما يحوّل القضية من ملف نصب عادي إلى قضية مجتمعية تعكس خللاً أعمق يتعلق بغياب الرقابة وانتشار ثقافة الثراء السريع والروابط المشبوهة.

وما تزال التحقيقات الجارية تحاول كشف النقاب عن كل أبعاد القضية، إلا أن المؤكد أن هذه الدعوى القضائية ستكشف عن شبكة معقدة من العلاقات والمصالح، حيث تتداخل فيها خطوط الطمع مع ثغرات الرقابة، ويثبت أن الخاسر الأكبر هو دائماً من يبحث عن الربح خارج قواعد الشفافية والقانون.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة