وطن ألف ليلة وليلة بوعود السياسيين… ومقبرة أحلام الصحة والتعليم والهشاشة الاجتماعية بعين الواقع

aljanoubiapress22 سبتمبر 2025آخر تحديث :
وطن ألف ليلة وليلة بوعود السياسيين… ومقبرة أحلام الصحة والتعليم والهشاشة الاجتماعية بعين الواقع

وطن ألف ليلة وليلة بوعود السياسيين… ومقبرة أحلام الصحة والتعليم والهشاشة الاجتماعية بعين الواقع

مريم الحيمر:الجنوبية بريس متابعة

في كل موسم انتخابي، تتسابق الأحزاب السياسية على تقديم مذكراتها إلى وزارة الداخلية، كأنها حفلة عرض أزياء أخلاقي، كل واحد يتباهى بصفاء نيته ورغبته الزائفة في تخليق الحياة السياسية ومحاربة الفساد الانتخابي. لكن، عند أول نظرة، يظهر أن هذا “السمو الأخلاقي” كالسراب في يوم حار يختفي كلما اقتربت منه.

المفارقة المريرة أن نفس الأحزاب التي تتشدق بالنزاهة، تضمن مقاعدها لأعضاء متهمين بالفساد، بعضهم يقبع في السجون، والبعض الآخر يتجول بحرية، وكأننا نشاهد ألف ليلة وليلة سياسية: الأميرة جميلة وعذبة، وفجأة تتحول إلى العجوز الشمطاء الضالمة التي تأكل كل شيء في طريقها وتحرقه، تاركة المتفرج في المسرحية السياسية في دهشة واستياء.

والأدهى من ذلك، أن هؤلاء السياسيون أصبحوا وجوهاً مألوفة ومملة، ولم يعد تمثيلهم ينطلي على الشعب كما كان في الماضي. شاهدنا المسرحية نفسها مرارًا وتكرارًا بنفس الوجوه، ونفس الحوارات، ونفس القصة المكررة. وعندما أدرك السياسيون أن الجمهور بدأ يمل ويفهم ما يحدث، أو كما يُقال بالعامية: “فاق وعاق”، قرروا إدخال بعض الوجوه الجديدة لإضفاء نوع من التجديد على المسرحية.

والأمر الطريف أن هؤلاء الوجوه الجديدة ممثلة حقيقية سبق أن شاهدناهم يمثلون الحياة السياسية في أعمالهم ومسرحياتهم القديمة، وكأنهم يقولون بصراحة: “لقد أدّينا الدور على الشاشة، والآن سنقدمه لكم في الواقع”.

ومع الخلط بين التمثيل السياسي والتمثيل الحقيقي، تبدأ أدوار السياسيين بالتداخل مع أدوار الممثلين الحقيقيين، فتختلط الحقائق بالخيال، ويجد المتفرج نفسه محاصرًا بين المسرح والواقع، غير قادر على التمييز بين ما هو سياسي حقيقي وما هو مجرد أداء تمثيلي.

الأمر لم يعد مقتصراً على الصحافة الوطنية، بل تخطت الحدود لتصبح تقارير دولية تضع صورة المؤسسات الوطنية في مرمى النقد العالمي، وكأن المواطن يعيش في حلقة لا تنتهي من مسلسل هزلي أسود، يتكرر فيه الخداع والوعود الفارغة.

والتساؤل المطروح بوضوح الآن: من سيعيد للمواطن ثقته في العملية السياسية أولاً، وفي الأحزاب ثانياً، ومن سيتمكن من كسر عزوفه عن المشاركة السياسية بشكل عام؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة