نظمت جمعية تياترو الهدهد بمدينة برشيد يومه الخميس 30 مارس 2023، الساعة التاسعة ونصف 21.30، بالخزانة الوسائطية لقاء ثقافيا حول الرواية التاريخية وحضور المتخيل، بحضور مثقفين وطلبة مهتمين وتلاميذ.
وقد افتتح اللقاء الباحث الأكاديمي الأستاذ إبراهيم أزوغ ، بكلمة ترحيبا بالحضور، وقدم ورقة في التعريف بالمبدع إدريس النعيمي، و بأعماله الروائية والحكائية، معتبرا إياه من الأدباء الشباب الذين يشقون طريقهم في الكتابة الابداعية، وتحديدا في الرواية والمحكيات التاريخية التي هي موضوع هذا اللقاء، وطرح أزوغ بعدها مداخل لقراءة نص النعيمي من خلال أسئلة تستشكل علاقة الإبداع بالتاريخ منها؛ كيف يستطيع الإبداع تحويل المادة التاريخية إلى بنية حكائية فنية جمالية رمزية؟ وما الذي يدفع بالمبدع إلى العودة إلى المادة التاريخية وجعلها سماد نصه؟ وما علاقة هذه المادة بواقع المبدع وسياقات النص الابداعي
وبعد ذلك عرف الأستاذ إبراهيم أزوغ بالأستاذ إدريس بنيحيى باعتباره الباحث الذي سيقدم قراءة في الكتاب المحتفى به،وهو أستاذ لمادة اللغة العربية وناشط حقوقي،وكاتب نشيط في عدة مواقع ومنابر إعلامية سمعية وإلكترونية.
هذا وقد استهل الأستاذ بنيحيى (إدريس الثاني بتعبير الأستاذ أزوغ) مداخلته بمحاولة تحديد مفهوم الرواية التاريخية ومدى حضورها كجنس أدبي،مدعما كلمته بالمراجع التي حاولت التقعيد للرواية التاريخية،وأهما كتابات جورج لوكاش وسعيد يقطين.ثم قدم الباحث قراءة موجزة لكنها عميقة حول عتبة الكتاب،بداية من الغلاف الذي قال أنه يتضمن صورة لأربع نسوة مغربيات يرتدين زيهن التقليدي وهن يحملن بنادق كدلالة على انخراطهن في صفوف المقاومة المغربية المسلحة،وهي مسألة يرمز عليها هذا الكتاب الذي تضمنت حكاياته الأربعة عشر حكايتين عن مقاومتين كان لهما دور بارز في مواجهة الاستعمار،الأولى لالة يطو بنت المقاوم الشهير موحى أوحمو الزياني،والثانية مثلت ملحمة بوغافر ومقاومة المغرب الشرقي وهي عدجو موح ،هاته الأخيرة أقتبست كلمة من سيرتها ووضعت على الغلاف الخلفي للكتاب مع صورة شخصية لها،وهي إشارات واضحة اعتبرها الأستاذ المحاضر تصب في اتجاه أن الكاتب استحضر بقوة دور النساء في المقاومة.
بعد ذلك تحدث الأستاذ بنيحيى عن العنوان محاولا وضع تفكيك سيميائي لمفرداته وطريقة كتابتها واللون الأحمر الذي يرمز للدماء التي قدمها شهداء المقاومة المغربية.
بعد هاته القراءة الموجزة أعطى الأستاذ المنسق الكلمة للكاتب إدريس النعيمي الذي عبر عن سروره بهذا اللقاء الثقافي الرمضاني ،مقدما الشكر لجمعية تياترو الهدهد في شخص رئيسها الأستاذ عفيف نصر الدين ،منوها كذلك بالحضور الذي حج من برشيد وبمن تحملوا عناء التنقل من خارجها،وعلى رأسهم المندوب الجهوي للمندوبية السامية لقدماء المقاومة وجيش التحرير مصطفى الجهوي،دعما لاهتمام المندوبية بهاته الكتابات التي تعنى بالمقاومة المغربية،بعد كلمة الشكر والترحيب تحدث الكاتب النعيمي عن الكتابة الأدبية وأهميتها بالخصوص لدى الناشئة حيث صرح الكاتب أن الكتابة لهذا الصنف هو هاجسه باعتبارها مدرسا للتاريخ في سلك الثانوي التأهيلي،مشيرا في الوقت نفسه لدوافع الكتابة الروائية عنده،ومغزى استحضار التاريخ في كتاباته الروائية السابقة وأبرزها رواية “جسر على وادي الموت”.
بعد كلمة الكاتب إدريس،استمتع الحضور بفاصل موسيقي على آلة العود قدمه العازف المنفلوطي باحترافية كبيرة.
ثم سجل الأستاذ أزوغ مداخلات الحضور التي تناولت تساؤلات حول أهمية الكتابة التاريخية الروائية،وأهمية الرجوع إلى الماضي من أجل استيعاب الحاضر،وكذلك أثير نقاش مستفيض حول تصنيف الكتاب هل هو رواية تاريخية أم محكيات أم أن الكتاب عصي عن التصنيف،هذا ما حاول الكاتب الإجابة عنه في مداخلته الأخيرة،حيث تفاعل مع أسئلة الحضور واعتبر نفسه المستفيد الأكبر من هذا اللقاء الخصب الذي جمع نخبة من الباحثين الأكاديميين والمفكرين والطلبة الباحثين .
في النهاية قدمت للكاتب شهادة تقديرية من طرف رئيس الجمعية بينما إلتقطت صور جماعية من طرف المنبر الثقافي والإعلامي الذي يشرف على تغطية هاته اللقاءات الثقافية وهو “قناة تنوير الالكترونية” في شخص الصحفي القدير عزيز.ثم توقيع الكتاب الذي انتهت به الندوة العلمية.
متابعة /عادل الحريزي