المغرب يسجل عجزاً في الميزانية بلغ 68.8 مليار درهم بنهاية نونبر
سجلت المالية العمومية للمملكة المغربية عجزاً مالياً قدره 68.8 مليار درهم في نهاية شهر نونبر من العام الجاري، مقارنة بعجز بلغ 49.4 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك وفقاً للمعطيات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية.
ويأتي هذا التطور في سياق اقتصادي وطني وعالمي تتشابك فيه عدة عوامل ضاغطة. فقد ارتفعت النفقات الإجمالية للميزانية بشكل ملحوظ، مسجلة زيادة بنسبة 10.9% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023. هذا الارتفاع يُعزى بشكل رئيسي إلى تزايد نفقات التسيير، ووتيرة تنفيذ برنامج الاستثمار العمومي، فضلاً عن النفقات المرتبطة بدعم أسعار المحروقات والمواد الأساسية، وهو إجراء استباقي اتخذته الحكومة للتخفيف من آثار التضخم العالمي على القوة الشرائية للأسر.
من جهة أخرى، لم تتمكن الإيرادات من مواكبة نفس وتيرة ارتفاع النفقات. فالإيرادات الإجمالية شهدت ارتفاعاً متواضعاً بنسبة 3.9% فقط. ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى انخفاض إيرادات الضرائب المباشرة، في حين سجلت الضرائب غير المباشرة والجبايات الجمركية أداءً إيجابياً. كما عانت إيرادات الخوصصة من تراجع كبير مقارنة بالفترة السابقة، مما أثر على مجمل الحصيلة المالية.
وكانت الحكومة قد أقرت في قانون المالية لسنة 2024 تقديراً لعجز في الميزانية بنسبة 5% من الناتج الداخلي الإجمالي. ويشير العجز المسجل بنهاية نونبر إلى أن هذه التقديرات تسير في مسارها المتوقع، رغم التحديات. ويأتي هذا العجز ضمن استراتيجية مالية توسعية تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني، والحفاظ على مناخ الأعمال، ودعم الفئات الاجتماعية الهشة في مواجهة الصدمات الخارجية، وذلك وفقاً للتحليلات الرسمية.
ويواصل المغرب اعتماده على آليات التمويل التقليدية والداخلية بشكل أساسي لتغطية هذا العجز. وفي هذا الإطار، تُظهر البيانات أن الاقتراض الصافي من السوق الداخلية يبقى المصدر الرئيسي، مما يعكس ثقة المستثمرين المحليين في أداء الاقتصاد المغربي على المدى المتوسط والطويل، ويحد من التبعية للتقلبات المالية الدولية.
يحلل خبراء الاقتصاد هذا المؤشر في إطار الرؤية الشاملة للسياسة المالية الحكومية، التي تضع الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية المستدامة في صلب أولوياتها، حتى في ظل الظروف الصعبة. ويتوقع أن تشهد الأشهر المتبقية من السنة تسارعاً في وتيرة التحصيل الضريبي مع مواصلة الإنفاق الموجه نحو تحفيز النمو، في أفق تحقيق الأهداف المالية المُعلنة.




