المغرب يضع علمًا وطنيًا عملاقًا في طنجة حتى يكون مرئيًا من سواحل إسبانيا
شرعت السلطات المغربية في إقامة علم وطني عملاق بمدينة طنجة، يتراوح حجمه بين 30 و50 متراً مربعاً، مُثبت على عمود فولاذي بارتفاع 30 متراً، ما يعادل بناية من تسعة طوابق. وسيتم تجهيز المشروع بمنظومة إضاءة ليلية تتيح رؤية العلم من مختلف أرجاء خليج طنجة، كما قد يصبح مرئياً، في ظروف جوية مواتية، من السواحل الإسبانية المقابلة.
يأتي هذا المشروع في إطار سلسلة من المبادرات الرمزية التي تهدف إلى تعزيز حضور الرمز الوطني في الفضاءات العامة، حيث تسعى المملكة إلى ترسيخ قيم الانتماء والهوية لدى المواطنين. ويمثل موقع طنجة، المدينة الشمالية المطلة على مضيق جبل طارق، أهمية استراتيجية وجيوسياسية، كبوابة تربط بين القارتين الأفريقية والأوروبية.
يجسد العلم العملاق، الذي سينتصب في مكان بارز من المدينة، دلالات عميقة تتجاوز مجرد الرمز البصري. فهو يعكس رغبة رسمية في تأكيد السيادة الوطنية والحضور المغربي في منطقة حيوية تشهد تنافساً إقليمياً. كما يرسل رسالة واضحة حول عزم المملكة على تعزيز وحدتها الترابية وصون مكتسباتها الوطنية.
من الناحية التقنية، يشكل المشروع تحدياً هندسياً بسبب تعرض المنطقة لرياح قوية قادمة من المحيط الأطلسي ومضيق جبل طارق. لذلك، تم تصميم العمود الهيكلي ليتحمل سرعات رياح عالية، مع استخدام مواد عالية الجودة ومقاومة للعوامل الجوية لضمان متانة العلم واستدامته. أما نظام الإضاءة المتطور فسيضمن رؤية واضحة للعلم ليلاً، مما يعزز قيمته الجمالية والرمزية على حد سواء.
على الصعيد المحلي، يتوقع أن يصبح العلم العملاق معلماً سياحياً جديداً يجذب الزوار والمواطنين الراغبين في التقاط الصور التذكارية أمام رمز وطني ضخم. كما قد يساهم في تنشيط الحركة السياحية بمنطقة طنجة، التي تشهد بالفعل تطوراً عمرانياً واقتصادياً ملحوظاً في السنوات الأخيرة.
ترى بعض التحليلات أن رؤية العلم من السواحل الإسبانية تحمل أبعاداً سياسية ودبلوماسية، خصوصاً في سياق العلاقات المغربية-الإسبانية التي تشهد تفاعلات مستمرة حول قضايا متعددة، بما في ذلك ملف الهجرة والحدود والتعاون الاقتصادي. إلا أن الجانب الرسمي يقدم المشروع كبادرة وطنية محضة تهدف إلى تعزيز الفخر الوطني وترسيخ الرموز الجامعة.
على المدى البعيد، يمثل هذا العلم إضافة إلى سلسلة من الأعلام العملاقة المنتشرة في عدة مدن مغربية، والتي أصبحت جزءاً من المشهد الحضري المعبر عن روح الانتماء. وهو ما يؤشر على توجه عام نحو توظيف الرموز الوطنية في تشكيل الوعي الجمعي وترسيخ قيم المواطنة، خاصة لدى الأجيال الناشئة التي تتعاطى مع هذه الرموز بكثير من الإعجاب والفخر.
مع اكتمال المشروع في الأشهر المقبلة، سيكون العالم الوطني المغربي شامخاً في شمال المملكة، مرئياً من البر والبحر، وحتى من الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، حاملاً دلالات التاريخ والهوية والطموح المستقبلي لدولة تحرص على تأكيد حضورها في محيطها الإقليمي والدولي.



