منظمات حقوقية تطلق صيحة تحذير: “تشريع عاجل لحماية أطفالنا من مخاطر الهواتف الذكية”
توجه الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان بقلعة السراغنة، في بيان صدر اليوم الرابع من ديسمبر 2025، نداءً عاجلاً إلى الحكومة والمجلس النيابي والمؤسسات المعنية، للمبادرة الفورية بإصدار قانون يمنع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة من حمل واستخدام الهواتف النقالة دون رقابة صارمة. ويهدف المقترح إلى حماية السلامة الجسدية والنفسية للأطفال وخصوصيتهم الرقمية، معتبرة أن التدخل التشريعي أصبح ضرورة ملحة في مواجهة المخاطر الرقمية المتزايدة.
واستندت الهيئة في دعوتها إلى معطيات وطنية مقلقة أظهرت أن 80% من الأطفال والشباب المغاربة يستعملون الإنترنت، و70% منهم يلجون إلى شبكات التواصل الاجتماعي. وكشفت دراسة حديثة أن 43% من الشباب يعانون من اضطرابات النوم وإهمال الحاجات الأساسية، و35.6% يدخلون في نزاعات مع أسرهم أو أصدقائهم، فيما يعاني 41.5% من تعثر في نتائجهم الدراسية. كما صرح ثلث الشباب بتعرضهم للتحرش السيبراني، مؤكدة أن هذه الإحصاءات ليست أرقاماً مجردة بل مؤشرات على انتهاك صارخ لخصوصية الطفل وتعرضه المباشر لأشكال متنوعة من العنف الناتج عن الاستخدام غير المحمي للتكنولوجيا.
وأشار البيان إلى وجود ثغرة تشريعية كبيرة في مواجهة التهديدات الرقمية، حيث لا تزال الضوابط القانونية في المجال الرقمي غير كافية لحماية الأطفال، على عكس الحماية الموجودة في قضايا مثل عمالة الأطفال وزواج القاصرات. واعتبرت الهيئة أن المقترح التشريعي المقدم من فريق “التقدم والاشتراكية” في مجلس النواب، والذي يدعو إلى منع الأشخاص دون 16 عاماً من إنشاء حسابات على منصات التواصل دون موافقة الوالدين، يعد خطوة في الاتجاه الصحيح. غير أنها رأت أن حظر حمل الهاتف ذاته لفئة الأطفال الأصغر سناً (تحت 16 سنة) هو إجراء وقائي أكثر حسماً وجذرية، يحمي الطفل من المنبع قبل الولوج إلى عالم مليء بالمخاطر التي قد تؤثر على صحته النفسية.
وشدد البيان على مسؤولية الدولة في خلق بيئة رقمية آمنة، معتبراً أن حماية الطفولة مسؤولية دولة ومجتمع. وأكد أنه رغم التقدم المسجل في مؤشرات حقوق الطفل في المغرب، إلا أن هذا التقدم الرقمي لا يلغي التفاوتات والفجوات البنيوية، خاصة في مجال “بيئة التمكين” التي تبقى الحلقة الأضعف، حيث تغيب آليات مؤسسية تسمح للأطفال بالتعبير عن آرائهم بشكل مؤثر في السياسات التي تخصهم. وأضاف أن إصدار هذا القانون سيكون رسالة قوية بأن المصلحة الفضلى للطفل في صلب أولويات السياسات العمومية، تماشياً مع الرؤية الملكية المستنيرة في هذا المجال.
واختتمت الهيئة بيانها بتقديم مجموعة من المطالب والتوصيات العملية، تشمل التشريع العاجل لمنع حمل واستخدام الهواتف النقالة للأطفال تحت 16 سنة مع تحديد استثناءات واضحة تحت إشراف الوالدين. كما دعت إلى تعزيز الرقابة والتطبيق من خلال تكليف اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بدور رقابي على المنصات الرقمية، وإلزامها باحترام الشرط العمري والحصول على موافقة صريحة من أولياء الأمور. وشملت التوصيات أيضاً إدماج التربية الرقمية والمواطنة في المناهج الدراسية في سن مبكرة، وتنظيم حملات توعوية مكثفة للأسر، وتوفير أدلة وإرشادات عملية للآباء والمعلمين لمساعدة الأطفال على تطوير عادات رقمية صحية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن الحق في الحماية من العنف والاستغلال، والذي يكفله الدستور والاتفاقيات الدولية، يجب أن يكون سابقاً وأولى من الحق في الاتصال غير المنضبط. معتبراً أن الدفاع عن كرامة الطفل وسلامته هو دفاع عن مستقبل الأمة، وأن اتخاذ هذا الإجراء التشريعي الجريء ليس تقييداً لحق، بل هو تكريس لحق أعلى وهو الحق في طفولة آمنة وصحية.




