بين عجلات السرعة وأنين الضحايا: 36 قتيلاً في أسبوع واحد على طرقات المغرب

aljanoubiapress3 ديسمبر 2025آخر تحديث :
بين عجلات السرعة وأنين الضحايا: 36 قتيلاً في أسبوع واحد على طرقات المغرب

بين عجلات السرعة وأنين الضحايا: 36 قتيلاً في أسبوع واحد على طرقات المغرب

الجنوبية بريس:إدريس المبروكي متابعة

شهدت الطرقات المغربية، خلال الأسبوع الممتد من 24 إلى 30 نونبر المنصرم، مأساة إنسانية متكررة، حيث تحولت الشبكة الطرقية إلى مسرح لأحداث مروعة أزهقت الأرواح وتركت العائلات في حزن عميق. أرقام رسمية صادمة كشفت عن مصرع 36 شخصاً، وإصابة 3109 آخرين بجروح، بينهم 122 إصابة وصفت بالبليغة، وذلك جراء 2308 حادثة سير وقعت في المناطق الحضرية وحدها.

وراء هذه الإحصائيات الباردة، ثمة قصص ألم لفقدان أحباء، ومعاناة جسدية ونفسية طويلة للمصابين، وعبء مادي على الأسر والنظام الصحي. المشهد يتكرر أسبوعياً بتفاصيل مختلفة وأرقام متقاربة، مما يطرح أسئلة حادة عن جدوى الحملات التوعوية وصرامة الإجراءات الزجرية في ردع هذه “المجازر” اليومية.

تكشف التحليلات الأولية للحوادث عن “أعداء تقليديين” للسلامة الطرقية، لا تزال تمارس فعلها القاتل بانتظام. في مقدمة هذه الأسباب يأتي عدم انتباه السائقين، غالباً بسبب استخدام الهواتف الذكية، يليه عدم احترام حق الأسبقية عند التقاطعات والدوارات، مما يحولها إلى بؤر للاصطدام. ولا يقل خطورة عدم انتباه الراجلين أثناء عبور الطريق، خاصة في الأماكن غير المخصصة لهم.

إلى جانب ذلك، تبقى السرعة المفرطة العامل الأكثر فتكاً، حيث تحول أي خطأ بسيط إلى كارثة لا تُحمد عقباها. كما تساهم عدم ترك مسافة الأمان بين المركبات في تحويل التصادمات البسيطة إلى كوارث جماعية، خاصة على الطرق السريعة. ولا يغيب عن القائمة القاتلة خطر السياقة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، الذي يطمس وعي السائق ويفقده القدرة على التحكم في مركبته.

في مواجهة هذا النزيف اليومي، قامت عناصر المديرية العامة للأمن الوطني بحملة مراقبة مكثفة، أسفرت عن تسجيل 49,460 مخالفة مرورية متنوعة. وشملت الإجراءات إنجاز 7,947 محضراً تم إحالتها إلى النيابة العامة للبت فيها، مما يعكس الجرائم الخطيرة المرتبطة ببعض هذه المخالفات.

كما تم استخلاص 41,513 غرامة صلحية، بلغ إجمالي قيمتها المالية 9 ملايين و27 ألف و250 درهم. وشملت الإجراءات الاحترازية وضع 4,800 مركبة في المحجز البلدي، وسحب 7,947 وثيقة (رخصة السياقة أو بطاقة التسجيل)، وتوقيف 578 مركبة بشكل مؤقت، في إطار الضبط الإداري.

رغم ضخامة الأرقام الخاصة بالمخالفات والإجراءات الزجرية، تبقى التساؤلات مطروحة حول مدى فعاليتها في خفض عدد الضحايا على المدى الطويل. هل تكفي الغرامات المالية والإجراءات الإدارية لردع مستهتر يهدد حياة الآخرين؟ أم أن الأمر يتطلب تشديد العقوبات الجنائية، خاصة في حوادث السكر والتسبب في موت الغير نتيجة الاستهتار؟

يدعو خبراء في السلامة الطرقية إلى مقاربة شاملة، تجمع بين التوعية المستدامة منذ الصغر في المدارس، والتشريع الرادع، وتحسين البنية التحتية الطرقية، وتعزيز النقل العمومي الآمن، ومراجعة نظام تعليم السياقة ومنح الرخص. فالمشكلة، في نظرهم، ليست أمنية بحتة، بل هي ثقافية واجتماعية واقتصادية في جوهرها.

في الختام، بينما تذرف عائلة جديدة دموعها على فقيد، وتتألم أخرى على مريض في المستشفى، تبقى الطرقات المغربية في انتظار خطوة استثنائية تكسر هذه الحلقة المفرغة من الألم والخسارة. أرواح المواطنين أثمن من أن تبقى رهينة سلوكيات طائشة وإهمال متكرر. السؤال الملح: إلى متى؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة