الاعلام بين المأسسة والإبداع

aljanoubiapressمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
الاعلام بين المأسسة والإبداع

الاعلام بين المأسسة والإبداع

✍️بقلم زهير الراشدي:الجنوبية بريس متابعة

عبر العصور كان للإعلام دور كبير في التأثير على المجتمعات البشرية سلبا أو ايجابا ،في زمن الحرب والسلم ،في الحزن و الفرح ،تغيرت الوسائل عبر العصور لكن محورية الإعلام ظلت ثابة كان للشعر والشعراء تأثير بالغ في مجتمعهم في الجاهلية و بعد مجيء الإسلام باعتباره أقوى أشكال الإعلام في تلك الفترة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :” اهْجُوا قُرَيْشًا؛ فإنَّه أشَدُّ عليها مِن رَشْقٍ بالنَّبْلِ. فأرْسَلَ إلى ابْنِ رَواحَةَ فقالَ: اهْجُهُمْ.فَهَجاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ، فأرْسَلَ إلى كَعْبِ بنِ مالِكٍ، ثُمَّ أرْسَلَ إلى حَسَّانَ بنِ ثابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عليه، قالَ حَسَّانُ: قدْ آنَ لَكُمْ أنْ تُرْسِلُوا إلى هذا الأسَدِ الضَّارِبِ بذَنَبِهِ، ثُمَّ أدْلَعَ لِسانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فقالَ: والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بلِسانِي فَرْيَ الأدِيمِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا تَعْجَلْ؛ فإنَّ أبا بَكْرٍ أعْلَمُ قُرَيْشٍ بأَنْسابِها، وإنَّ لي فيهم نَسَبًا، حتَّى يُلَخِّصَ لكَ نَسَبِي، فأتاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ لَخَّصَ لي نَسَبَكَ، والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ منهمْ كما تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ العَجِينِ.قالَتْ عائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ لِحَسَّانَ: إنَّ رُوحَ القُدُسِ لا يَزالُ يُؤَيِّدُكَ ما نافَحْتَ عَنِ اللهِ ورَسولِهِ، وقالَتْ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: هَجاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى واشْتَفَى ” رواه مسلم.
عَنْ عَائِشَةَ: ( قَالَ حَسَّانُ:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ … وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا … رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي … لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا … تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ
يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ … عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ … تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا … وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ … يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللهُ: قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا … يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ: قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا … هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ … سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ … وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا … وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ .(
في زمننا هدا أخد الإعلام أشكالا متنوعة و مختلفة ترتكز على الكلمة و الصوت و الصورة.
أولت المؤسسات و التنظيمات أهمية بالغة للإعلام بمختلف أشكاله وبما أن مأسسة أي عمل أصبحت دليلا على نضج العمل وضامنا لاستمراره وتجويده فما هو شكل المأسسة التي يجب أن يأخذها الإعلام هل هي مأسسة شاملة تتحول إلى بيروقراطية قاتلة لذاتية الإعلامي و إبداعه ؟ أم هو تفويض شامل دون رقيب ولا حسيب لكل من وجد نفسه في الإعلام ؟أم أن بين دالك قواما؟
في زمننا هدا زمن السرعة فعين الإعلامي المتمرس لا تقيس الزمن بالدقيقة و لا بالساعة وإنما بجزء من الثانية.
إذا جاز لي أن أشبه الإعلامي بمثال يقرب المعنى فيمكن أن أشبهه بمزيج بين القناص و الفنان ،قناص من حيث اختيار التوقيت و فنان من حيث الشكل و الإخراج .
فالقناص هو وحده من يملك القدرة على تحديد التوقيت الأنسب للإطلاق على الهدف و الفنان وحده من يملك القدرة على اختيار الألوان و الأشكال للوحته لكي يعطينا لوحة جميلة ومتناسقة، يختار الفنان الألوان بناءً على نظرية الألوان، وتأثيرها على المشاهد. يستخدم عجلة الألوان لاختيار مجموعات متناسقة مثل الألوان المتشابهة (المتجاورة) أو الألوان المتكاملة (المتقابلة)، ويضع في الاعتبار القيمة (السطوع أو القتامة) والتشبع (الحيوية). كما يأخذ في الحسبان دلالات الألوان الثقافية، ويجرب تدرجات مختلفة، ويعتمد في دالك أساسا على حدسه وإبداعه الشخصي .
بالرجوع إلى الحديث الشريف و الذي أعتبره مرجعا في المجال الإعلامي، قد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم لكبيري الإعلامين من الصحابة سيدنا ابن رواحة و سيدنا كعب ابن مالك و سيدنا حسان ابن ثابت هدفا واضحا : اهجوا قريشا .
لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قولوا كدا وكدا وإنما منحهم حرية اختيار الكلمات و نظمها.
لكن لابد من الوقوف عند أمر غاية في الأهمية لمادا استدعى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هؤلاء الصحاب الثالثة دون غيرهم و اختار حسان ابن ثابت من بينهم لأن الإعلام موهبة وما كل الناس يصلح لأن يكون إعلاميا ،فقد كان سيدنا حسان فارس الكلمة وكان يملك من الموهبة و القدرة على الإبداع و اتقان العمل الإعلامي ما جعل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ينزله هده المنزلة و المكانة .
لكن قبل أن يمنح سيدنا حسان هده الثقة و التفويض النبوي الكريم كان لابد من تعليم و تدريب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان ” لا تَعْجَلْ؛ فإنَّ أبا بَكْرٍ أعْلَمُ قُرَيْشٍ بأَنْسابِها، وإنَّ لي فيهم نَسَبًا، حتَّى يُلَخِّصَ لكَ نَسَبِي، فأتاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ لَخَّصَ لي نَسَبَكَ، والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ منهمْ كما تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ العَجِينِ”
قد كان الأمر اختبارا لثلاثة من المواهب تبعها اختيار و بعد الاختيار تدريب و تعليم و بعدها ثقة و تفويض و تشجيع.
ولو عدنا لمثالنا ليس كل الناس يملك القدرة و الموهبة أن يصبح قناصا أو فنانا ،أحرى أن يجمع بين الموهبتين ، وإنما هي مزاوجة بين موهبة فطرية أودعها الله في الإنسان و دربة و تعلم .
ولو فرضنا أن قناصا موهوبا و مدربا و يريد قنص هدف و معه شخص أو أشخاص يمتلكون مناظير ينظرون إلى الهدف بدقة بالغة وهم من سيحددون له وقت الإطلاق فمهما كانت موهبته و تمرسه فإن احتمال إصابة الهدف ستكون جد ضئيلة.
على نفس المنوال لو فرضنا أن فنانا موهوبا يريد أن يرسم لوحة فنية و خلفه أشخاص هدا يطلب منه اختيار اللون الأخضر و أخر يطلب اختيار اللون الأسود و ثلاث يقترح الأشكال فالنتيجة الحتمية لهدا العمل لوحة فنية بشعة.
في الأخير العمل الإعلامي مزاوجة بين فطرة أودعها الله في الإنسان فليس كل الصحابة معا أفضالهم حسان ابن ثابت .
يجب اختبار رجال الإعلام فرسان الكلمة و الصوت و الصورة بعناية بالغة لا بمنطق ملئ الفراغ ،بعد الاختبار يأتي التعليم و التدريب على الوسائل والأهداف وفي أخر الأمر تمنح الثقة و التفويض و التشجيع .

الجنوبية بريس ترصد الأحداث وتنقل الخبر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة