وجوه من الظل: حكايات الفقر بين العائلات الأجنبية في إيطاليا
ليلى حسناوي :الجنوبية بريس متابعة
عندما تمشي في شوارع المدن الإيطالية، ترى وجوهًا كثيرة تحمل قصصًا مختلفة — بعضها مليء بالأمل، وبعضها الآخر يخفي تعب السنين. في الأسواق، في المطاعم، في البيوت القديمة… هناك دائمًا عائلة مهاجرة تحاول أن تبني حياة جديدة في بلد جميل، لكنه ليس سهلًا.
التقيت بفاطمة، أمّ مغربية تعيش في روما منذ عشر سنوات. كانت تجلس على مقعد صغير أمام شقتها البسيطة، تضحك مع أطفالها الثلاثة. قالت لي: “إيطاليا بلد طيب، لكننا نعيش يومنا بيومنا… أعمل كثيرًا، لكن دائمًا هناك شيء ناقص.” كلماتها بقيت في ذهني طويلًا، لأن وراءها حكاية آلاف العائلات مثلها.
بحسب المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء (ISTAT) لعام 2024، يعيش أكثر من 35% من العائلات الأجنبية في إيطاليا في فقر مطلق. تخيّل، واحد من كل ثلاثة أسر مهاجرة لا يستطيع تغطية احتياجاته الأساسية. أما بين العائلات الإيطالية، فالنسبة أقل بكثير، حوالي 6% فقط. السبب؟ الوظائف المؤقتة، ضعف الدخل، صعوبة اللغة، وغلاء المعيشة.
الأصعب في القصة هو حال الأطفال. تقول الأرقام إن 13,8% من الأطفال والمراهقين في إيطاليا يعيشون في فقر مطلق — وغالبية هؤلاء من أسر أجنبية. أطفال يذهبون إلى المدرسة بدون وجبة كافية، أو يعيشون في شقق مزدحمة، أو يضطرون إلى ترك النشاطات التي يحبونها لأن العائلة لا تستطيع الدفع.
ورغم كل ذلك، هناك أمل. الجمعيات الإنسانية في مدن كثيرة تقدّم دروسًا مجانية للغة الإيطالية، وتساعد الأسر في إيجاد عمل أو سكن. هناك أيضًا مبادرات حكومية لدعم إدماج المهاجرين في المجتمع. الأمر ليس سهلاً، لكن التغيير ممكن — بخطوة، بكلمة، بمساعدة صغيرة.
في النهاية، وراء كل رقم هناك إنسان. وراء كل عائلة فقيرة، قصة كفاح وشجاعة. الفقر ليس مجرد نقص في المال، بل في الفرص والعدالة. وإذا أردنا أن تكون إيطاليا بلدًا للجميع، فيجب أن نرى هؤلاء الناس، لا كـ”مهاجرين”، بل كجيران، كأصدقاء، كبشر.
#الجنوبية_بريس #aljanoubia_press #ترصد_الأحداث_وتنقل_الخبر