توتر متصاعد في الساحل: مالي تعلن عن “أسلحة سرية” والجزائر في موقف حرج
الجنوبية بريس متابعة
تشهد منطقة الساحل تطورات متسارعة تنذر بتغيرات جذرية في موازين القوى الإقليمية، وسط تصاعد حدة الخلاف بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي. وفي خطوة تحمل رسائل استراتيجية واضحة، أعلن رئيس المرحلة الانتقالية في مالي، الجنرال أسيمي غويتا، عن امتلاك بلاده لأسلحة متطورة وصفها بـ“السرية”، كاشفًا عن تعاون عسكري متعمق مع روسيا قد يغير المعادلات الجيوسياسية في المنطقة.
وقال غويتا في حديث للقناة الوطنية المالية، عقب زيارة رسمية إلى موسكو، إن “هناك تجهيزات، حتى لو كان لديك المال، لا يمكنك الحصول عليها… نحن نحتفظ بها سرًا”، مشددًا على أن هذه الأسلحة تمثل أدوات ردع استراتيجية وليست مجرد صفقات مالية عابرة، بل نتاج شراكات جيوسياسية واسعة النطاق.
رسائل مبطنة إلى الجزائر
التصريحات جاءت في سياق أزمة دبلوماسية متفاقمة بين الجزائر وباماكو، ما دفع مراقبين إلى اعتبار أن جزءًا كبيرًا من خطاب غويتا موجه بشكل غير مباشر إلى الجزائر. العلاقة بين البلدين شهدت جمودًا تامًا منذ أشهر، لاسيما بعد حادثة إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة مالية كانت تستهدف مجموعة وصفتها باماكو بـ“إرهابية” في شمال مالي.
الإعلامي والمحلل السياسي المالي، موسى سايون، أكد أن “العلاقات الجزائرية المالية تعيش حالة شلل كامل، في ظل غياب أي بوادر رسمية للتهدئة”. وأوضح سايون أن الجزائر “غير متحمسة” للتعاطي مع النظام الانتقالي في مالي، خاصة مع توجه المجلس العسكري لتمديد المرحلة الانتقالية حتى عام 2030، وهو ما اعتبرته الجزائر ضربة لطموحاتها في الحفاظ على نفوذها داخل مالي.
ردع غامض على الطريقة الكبرى
تصريحات غويتا حول امتلاك “أسلحة لا تُشترى بالمال” تعكس، وفق محللين، مسعى باماكو لبناء “ردع صامت” قائم على الغموض والتهويل، في أسلوب يُشبه استراتيجيات القوى الكبرى التي تبقي ترساناتها مبهمة لمنح نفسها هامشًا أوسع للمناورة.
ويرى مراقبون أن مالي باتت تعتمد القوة العسكرية كأداة للتمكين السياسي والردع الإقليمي، خاصة بعد القطيعة مع القوى الغربية التقليدية، وعلى رأسها فرنسا، التي انسحبت فعليًا من مالي قبل أكثر من عامين إثر خلافات متصاعدة مع المجلس العسكري.
تحديات متنامية للجزائر
في المقابل، تجد الجزائر نفسها في وضع معقد، إذ تواجه بيئة إقليمية تتغير بوتيرة سريعة لصالح أنظمة انتقالية لا تشاركها نفس الرؤى. خسارة الجزائر لأوراق التحالفات الأمنية في منطقة الساحل وتنامي النفوذ الروسي يضعانها أمام تحديات استراتيجية غير مسبوقة، في ظل مخاوفها المعلنة من الانزلاقات العسكرية في منطقة شديدة الهشاشة أمنيا.
مع استمرار التقارب بين باماكو وموسكو، والتوجه نحو عسكرة العلاقات الإقليمية، يبدو أن الجزائر مطالبة بإعادة النظر في مقاربتها تجاه دول الساحل، إذا أرادت استعادة دورها كضامن رئيسي للأمن في المنطقة.
#الجزائر