أكناري”… فاكهة الفقراء التي هجرت الأرصفة .

aljanoubiapressمنذ ساعتينآخر تحديث :
أكناري”… فاكهة الفقراء التي هجرت الأرصفة .

أكناري”… فاكهة الفقراء التي هجرت الأرصفة .

الجنوبية بريس : عبداللطيف بيه

لطالما كانت فاكهة “أكناري” (الهندية) الموسمية رمزًا صيفيًا محببًا لدى المغاربة، ورافعة إقتصادية بسيطة لآلاف الشباب والباعة المتجولين، الذين كانوا يملؤون جنبات الطرق صيفًا وهم ينادون بعفوية “أكناري.. أكناري”، عارضين ثمارهم في سلال تقليدية تستقطب الزبائن بروائحها ونكهتها الشعبية الأصيلة.

لكن المشهد تغيّر ، حيث لم تعد فاكهة ” أكناري ” كما عهدها المغاربة، بعد أن زُرعت في البيوت المغطاة، وأُعيد تسويقها بعناية تحت مسميات “عضوية” و”خالصة من المبيدات”، لتتحول من فاكهة الأرصفة إلى منتوج فاخر يتصدّر واجهات المتاجر العصرية، ومع هذا التحول، تراجع حضور الباعة المتجولين بشكل لافت ، وتقلصت فرصهم في مواجهة منافسة كبار المنتجين المسلحين بالتقنيات الزراعية الحديثة والعلامات التجارية الجذابة.

وساهمت الحشرة القرمزية التي إجتاحت ضيعات الصبار، خاصة بجهة كلميم وادنون، في تعميق هذا التحول ، فقد دمّرت هذه الآفة البيئية مساحات شاسعة من نبتة الصبار، وأتت على محاصيل فلاحين صغار كانوا يعتمدون عليها كمورد رزق رئيسي، خصوصًا في المناطق الجبلية بإقليم سيدي إفني، حيث كانت تُجنى فاكهة أكناري وتُعرض بأسعار رمزية في متناول الجميع.

اليوم، تبدّلت صورة الضيعات التي كانت تزين بنبتة “الصبار “، لتغدو أراضي قاحلة تنطق بآثار “حرب إيكولوجية” غير معلنة، خلفت خسائر بيئية وإقتصادية، وأثرت مباشرة على دخل الفلاح البسيط، الذي بات أمام خيارين إثنين : إما اللحاق بركب الزراعة العصرية، أو مغادرة الساحة بصمت.

لم يعد “أكناري ” فقط فاكهة ، بل غدا رمزًا لتحول إقتصادي وإجتماعي عميق ، فقد غيّر خريطته من الأسواق الشعبية إلى رفوف النخبة، وترك وراءه أرصفة فارغة وقلوبًا مكسورة لباعة ومزارعين، كانوا يرون فيه أكثر من مجرد فاكهة… بل قطعة من ذاكرة الصيف وعطره الشعبي الخالد.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة