الأعوان العرضيون: نضال من أجل الإنصاف والمساواة في الجماعات الترابية المغربية
متابعة الجنوبية بريس: عبدالله البلال
منذ سنوات طويلة، يعمل الأعوان العرضيون في الجماعات الترابية المحلية بإخلاص وتفانٍ، يشغلون مواقع حساسة ويقومون بأدوار جوهرية تتجاوز في كثير من الأحيان أداء الموظفين الرسميين، ومع ذلك، نجدهم محرومين من أبسط حقوقهم المشروعة، في تناقض صارخ مع مبادئ العدالة والمساواة التي ينص عليها دستور المملكة المغربية لسنة 2011. هذا الدستور، الذي يعد المرجع الأساسي للتشريع، يؤكد في تصديره على مبدأ المساواة وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لجميع المواطنين دون استثناء. الفصل 31 منه ينص بوضوح على أن الدولة والمؤسسات العمومية ملزمة بتعبئة الوسائل المتاحة لضمان استفادة المواطنين من الحقوق التي نص عليها. أليس من حق هؤلاء الأعوان، الذين يكرسون وقتهم وجهدهم لخدمة الصالح العام، أن يكونوا ضمن هذا الإطار؟
إضافة إلى ذلك، ينص الفصل 23 على أن الدولة مسؤولة عن ضمان كرامة المواطن، لكن كيف يمكن تحقيق هذه الكرامة لشخص يعمل لسنوات دون استقرار وظيفي أو تغطية اجتماعية، ودون أي ضمان مستقبلي؟ إن هذا الوضع لا يقتصر على تناقض داخلي، بل يتعارض أيضًا مع التزامات المغرب الدولية المتعلقة بحقوق العمال والعمل اللائق التي صادق عليها في العديد من الاتفاقيات الدولية.
من المفارقات الصادمة أن الدولة تفرض على القطاع الخاص توفير حقوق مشروعة للأجراء، مثل التصريح بهم في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي ومنحهم حقوقهم في العطلات السنوية، بينما نرى أن الجماعات الترابية، وهي مؤسسات عمومية، لا تطبق نفس الالتزامات على الأعوان العرضيين. هل يُعقل أن يصبح القطاع الخاص، الذي طالما انتُقد على سياساته تجاه العمال، أكثر إنصافًا من المؤسسات العمومية؟
لا يمكن إنكار أن الأعوان العرضيين هم العمود الفقري الذي يضمن استمرارية الخدمات اليومية للمواطنين. يعملون بجهد مضاعف، بل ويتحملون أعباءً تفوق أحيانًا ما يتحمله الموظفون الرسميون، ومع ذلك، يُعاملون كعمال مؤقتين، حتى وإن تجاوزت مدة عملهم مع الجماعات عشرات السنين. إن هذا الوضع ليس مجرد تجاهل لحقوقهم، بل هو انتهاك صارخ لكل مبادئ العدل والإنصاف.
الحل العادل الوحيد لهذا الوضع هو الإدماج الفوري لهؤلاء الأعوان في الوظيفة العمومية، بما يضمن لهم الاستقرار الوظيفي والحقوق الاجتماعية. إن الفصل 6 من الدستور ينص على المساواة أمام القانون، وهذا الإدماج ضرورة قانونية وأخلاقية. كما يجب على الدولة التصريح بالأعوان في الضمان الاجتماعي وتوفير التغطية الصحية والتقاعد، مع احتساب سنوات خدمتهم السابقة ضمن أقدميتهم الوظيفية، تقديرًا لسنوات عملهم الطويلة وتضحياتهم.
إن استمرار هذا الوضع يطرح تساؤلات عميقة عن مصداقية السياسات العمومية في احترام حقوق الإنسان. كيف يمكن للدولة أن تطالب بالولاء والانتماء من مواطنيها، وهي أول من يتنكر لحقوقهم؟ هؤلاء الأعوان ليسوا مجرد أرقام أو عمالة مؤقتة؛ إنهم أفراد يعيلون أسرًا، ويستحقون كل أشكال الاحترام والتقدير. على الجهات المسؤولة، من وزارة الداخلية إلى المجالس الجماعية، أن تتحرك فورًا لوضع حد لهذا الحيف، لأن التاريخ لن يرحم، والمواطنون لن يغفروا.